منتدى سيدي عقبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كمال العبد في اخلاصه لله رغبة ورهبة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير
Admin
Admin



عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 02/09/2009
العمر : 26

كمال العبد في اخلاصه لله رغبة ورهبة Empty
مُساهمةموضوع: كمال العبد في اخلاصه لله رغبة ورهبة   كمال العبد في اخلاصه لله رغبة ورهبة I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 15, 2009 9:50 pm

كمال العبد في اخلاصه لله رغبة ورهبة Icon


ومن يستعفف يعفه الله

الحديث الثالث والثلاثون

عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(ومن يستعفف يعفه الله, ومن يستغن يغنه الله, ومن يتصبر يصبره الله, وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر) متفق عليه.

هذا الحديث اشتمل على أربع جمل جامعة نافعة:

إحداها: قوله: (ومن يستعفف يعفه الله)

والثانية: قوله: (ومن يستغن يغنه الله)


وهاتان الجملتان متلازمتان, فإن كمال العبد في إخلاصه لله رغبة ورهبة وتعلقا به دون المخلوقين. فعليه أن يسعى لتحقيق هذا الكمال, ويعمل كل سبب يوصله إلى ذلك, حتى يكون عبدا لله حقا حرا من رق المخلوقين, وذلك بأن يجاهد نفسه على أمرين:

انصرافها عن التعلق بالمخلوقين بالإستعفاف عما في أيديهم, فلا يطلبه بمقاله ولا بلسان حاله, ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لعمر: (ما أتاك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه, وما لا فلا تتبعه نفسك)مسلم الزكاة 104

فقطع الإشراف في القلب والسؤال باللسان, تعففا وترفعا عن منن الخلق, وعن تعلق القلب بهم, سبب قوي لحصول العفة.

وتمام ذلك: أن يجاهد نفسه على الأمر الثاني :

وهو الإستغناء بالله والثقة بكفايته, فإنه من يتوكل على الله فهو حسبه, وهذا هو المقصود, والأول وسيلة هذا, فإن من استعف عما في أيدي الناس وعما يناله منهم, أوجب له ذلك أن يقوى تعلقه بالله, ورجاؤه وطعمه في فضل الله وإحسانه, ويحسن ظنه وثقته بربه, والله تعالى عند حسن ظن عبده به, إن ظن خيرا فله, وإن ظن غيره فله, وكل واحد من الأمرين يمد الآخر فيقويه, فكلما قوي تعلقه بالله ضعف تعلقه بالمخلوقين وبالعكس.

ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى, والعفاف والغنى)

مسلم الذكر والدعاء2721

فجمع الخير كله في هذا الدعاء, فالهدى: هو العلم النافع, والتقى: هو العمل الصالح, وترك المحرمات كلها, هذا صلاح الدين.

وتمام ذلك بصلاح القلب, وطمأنينته بالعفاف عن الخلق, والغنى بالله, ومن كان غنيا بالله فهو الغني حقا, وإن قلت حواصله, فليس الغنى عن كثرة العرض, إنما الغنى غنى القلب, وبالعفاف والغنى يتم للعبد الحياة الطيبة, والنعيم الدنيوي, والقناعة بما آتاه الله.

والثالثة: قوله: (ومن يتصبر يصبره الله)

ثم ذكر في الجملة الرابعة: أن الصبر إذا أعطاه الله العبد فهو أفضل العطاء وأوسعه وأعظمه, إعانة على الأمور, قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ)(البقرة: من الآية45)
أي: على أموركم كلها.

والصبر كسائر الأخلاق يحتاج إلى مجاهدة للنفس وتمرينها, فلهذا قال: (ومن يتصبر)
أي: يجاهد نفسه على الصبر (يصبره الله) ويعينه, وإنما كان الصبر أعظم العطايا, لأنه يتعلق بجميع أمور العبد وكمالاته, وكل حالة من أحواله تحتاج إلى صبر, فإنه يحتاج الى الصبر على طاعة الله, حتى يقوم بها ويؤديها, والى صبر عن معصية الله حتى يتركها لله, والى صبر على أقدار الله المؤلمة, فلا يتسخطها, بل الى صبر على نعم الله ومحبوبات النفس, فلا يدع النفس تمرح وتفرح الفرح المذموم, بل يشتغل بشكر الله, فهو في كل أحواله يحتاج الى الصبر وبالصبر ينال الفلاح, ولهذا ذكر الله أهل الجنة فقال: (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ*سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)(الرعد:24,23)
وكذلك قال: (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا )(الفرقان: من الآية75)

فهم نالوا الجنة بنعيمها, وأدركوا المنازل بالصبر, ولكن العبد يسأل الله العافية من الابتلاء الذي لا يدري ما عاقبته, ثم إذا ورد عليه فوظيفته الصبر.

فالعافية هي المطلوبة بالأصالة في أمور الابتلاء والامتحان, والصبر يؤمر به عند وجود أسبابه ومتعلقاته, والله هو المعين.

وقد وعد الله الصابرين في كتابه وعلى لسان رسوله أمورا عالية جليلة, وعدهم بالإعانة في كل أمورهم. وأنه معهم بالعناية والتوفيق والتسديد, وأنه يحبهم ويثبت قلوبهم وأقدامهم, ويلقي عليهم السكينة والطمأنينة, ويسهل لهم الطاعات, ويحفظهم من المخالفات, ويتفضل عليهم بالصلوات والرحمة والبداية عند المصيبات, والله يرفعهم الى أعلى المقامات في الدنيا والآخرة, وعدهم النصر, وأن ييسرهم لليسرى ويجنبهم العسرى, ووعدهم بالسعادة والفلاح والنجاح, وأن يوفيهم أجرهم بغير حساب, وأن يخلف عليهم في الدنيا أكثر مما أخذ منهم من محبوباتهم, وأحسن, يعوضهم عن وقوع المكروهات عوضا عاجلا يقابل أضعاف أضعاف ما وقع من كريهة ومصيبة وهو في ابتدائه صعب شديد وفي انتهائه سهل حميد العواقب, كما قيل :

والصبر مثل اسمه مر مذاقته *** لكن عواقبه أحلى من العسل


المصدر
(بهجة قلوب الأبرارصفـ76-79ـة)
للشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sidi-okba.ahlamontada.com
 
كمال العبد في اخلاصه لله رغبة ورهبة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى سيدي عقبة :: القسم الديني :: الحديث والسيرة النبوية-
انتقل الى: